فضيلة الشيخ حسان للأقباط: لا تخافوا من الإسلام
حوار: جريدة الوفد:
طالب الشيخ محمد حسان الداعية الإسلامي الليبراليين بألا يخالفوا ديمقراطيتهم بالحجر على أراء الجماعات الإسلامية ومهاجمتهم واستخدام الدولة الدينية كفزاعة للتخويف منهم، قائلا: "إن الحياة والتعبير عن الرأي والعمل الجماعي مكفول للجميع فلتطرحوا ما عندكم ولنطرح ما عندنا ولنترك للشعب الاختيار".
وعن رأيه في تولي قبطي أو امرأة للرئاسة في مصر قال إنه لا يريد التحدث عن هذه الجزئيات لأنها محسومة "بالنسبة لنا"، متسائلا: " هل تقبل الولايات المتحدة الأمريكية أو بريطانيا أن يكون رئيسها مسلما؟".
وقال حسان إنه لا ينظر إلى اسم الدولة التي نحكم بها سواء كانت دينية أم مدنية، مضيفا أنه لا يهتم بالمسميات طالما أن هذه الدولة سُتحكم بالدين الإسلامي وبالحفاظ على المادة الثانية من الدستور التي تنص على أن الإسلام هو الدين الرسمي للدولة وأن اللغة العربية هي اللغة الرسمية لها وأن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع.
** صرحتم بإنشاء حزب سياسي يمثل التيار السلفي، فما هي الرؤى المطروحة حول انشائه وما أهدافه ؟
هذا لم يحدث إلى الآن، ولكني طلبت ذلك من المنتسبين إلى المنهج السلفي ـوأنا لم اعتبر السلفية جماعة أو حزب بل هي منهج لفهم القرآن والسنةـ، ودعوت إخواننا من أهل العلم والفضل أن يراجعوا الرؤى القديمة والأطروحات البالية، خاصة أننا نعيش في مرحلة جديدة يجب أن نؤثر فيها ونتأثر بها، لأن هذه المرحلة الحالية قد اختلفت عن سابقتها.
وأنا شخصيا أقول لك بصراحة حينما كان يسألني أحد عن العمل بالحياة السياسية كنت أقول له "لا تفعل" ولكني "أغير فتواي الآن" وأقول يجب على المسلمين أن يعبروا بصوتهم عن إرادة الأمة وحريتها من خلال صناديق الانتخابات والمشاركة فى الحياة السياسية الجديدة.
** ماذا لو قدر لكم إنشاء حزب بالفعل وحصلتم على مقاعد لا بأس بها فى البرلمان وشاركتم فى حكومة ائتلافية.. هل توافقون على المعاهدات الدولية مثل كامب ديفيد وبعض المواقف الخارجية الأخرى؟
أتصور أن كل هذه الجزئيات من السابق لآوانه جدا أن نتحدث عنها، وليس من الحكمة أن نثيرها فى ظل وقت نبدأ فيه البناء، بأن نستعدي علينا الأخرين ونثيرهم ضدنا ونعطي لهم الفرصة للترويج لما لا ندين به .
ألا تعلم أن النبي قد قبل فى "صلح الحديبية" شروطا من الظلم الجائر ما إذ سمعتها تتعجب كثيرا، وقد أفردت لها لقاء خاصا فى إحدى البرامج بعنوان "يا أبا جندب اصبر واحتسب".. فلقد قبل النبي فى مرحلة الضعف بنودا من الظلم، حتى يبني هذه الدولة الناشئة ويقيم أمة من الفتات المتناثر وسط صحراء يموج أهلها من الكفر موجا.
وأنا أستغرب من إخواننا الذين يثيرون هذه الجزئيات ويطيلون النفس حول الاجابة عليها، فاستعداء الآخرين ليس من ديننا ولا من صالح بلدنا، وتعجبني مقولة للشيخ بن عثيمين حينما نصحني قائلا " من لم تسع أن تكسبه للدعوة فحيده"، فليس من العقل ولا من الحكمة أن نستعدي الأعداء حتى ولو كانوا خطرا علينا وليس من الحكمة أن نظهر عدواتهم وخطرهم أو نحركه ضدنا الآن فى الوقت الذى ننشغل فيه بضرورة استعادة استقرارنا.
** هل تفكر في الترشح لرئاسة الجمهورية؟
لا أفكر الآن في مثل هذا الأمر، خاصة أنني مهتم بإصلاح شئون الدعوة والتقريب بين وجهات النظر عند العلماء، حتى نستطيع استعادة مكانة مصر الدعوية في العالم الإسلامي أجمع، وأنا أشكر للذين يضعون ثقتهم في ويطالبون بترشيحي للرئاسة وأقول لهم إننا نستطيع أن نخدم الدعوة الإسلامية من أي موقع في أي مكان.
الدولة الدينية
** وماذا عمن يستخدم فزاعة "الدولة الدينية" لاستعداء الناس على الجماعات الإسلامية؟
أنا أعذر كثيرا من الناس فى خوفهم من الدولة الدينية لما حشر فى عقولهم من ذلك التخويف تجاهها والتي هي فى حقيقتها كانت تمثلها الدولة "الثيوقراطية" فى أوروبا حين انقلبت الدولة على الكنيسة بعد استبدادها وقهرها لهم، وأعذر كثير من الناس بسبب هذه الفكرة الناتجة عن الجهل واستغلال بعض دعاة التحضر لذلك الجهل لتخويف الناس بالدولة الدينية.
** هل ترى أن الدولة الدينية خطرا على الأمة؟ وهل تفضل الدولة المدنية أم الدينية؟
لا مشاحة فى الاصطلاحات ولن نتحدث طويلا عن اسم هذه الدولة سواء دينية أم مدنية، لأننا لا نهتم بالمسميات طالما أن هذه الدولة ستحكم بالدين الإسلامي وبالحفاظ على المادة الثانية من الدستور التي تنص على أن الإسلام هو الدين الرسمي للدولة وأن اللغة العربية هي اللغة الرسمية لها وأن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للسلطات.
فما دامت الدولة ستحكم بهذا الشرع الرباني والنبوي الذى هو العدل كل العدل والحق كل الحق فلا ينبغي أن يخاف أحد من إسلامنا وديننا، ولقد حكمت مصر بالدين الإسلامي لأكثر من أربعة عشر قرنا، ولم يقل التاريخ أبدا أن المسلمين قاموا فى حادثة واحدة بسفك دم أحد من الأقباط أو هضمت حقوقهم بل عاشوا فى أمن وأمان وسلم وسلام لأن المسلمين يعلمون أنهم يفعلون ذلك تعبدا لله وطاعة لله سبحانه وتعالى ولرسوله.
ولا أنسى هذا الموقف لشيخ الإسلام بن تيمية حينما هجم التتار على المسلمين وأسروا عددا كبيرا منهم كما أسروا عددا من اليهود والنصارى، وذهب بن تيمية لملك التتار ليستنقذ منه الأسرى فلم يفرج ملك التتار إلا عن المسلمين فقط، فأبى شيخ الإسلام ابن تيمية إلا أن يرجع بالأسرى من المسلمين ومعهم اليهود والنصارى وقال لهم "إن ذي ذمتنا قبل أهل ملتنا".
** هل توافق على ترشيح قبطي أو امرأة لحكم بلد إسلامي مثل مصر ؟
لا أريد أن أتحدث عن هذه الجزئيات المحسومة بالنسبة لنا، فأنا أسأل أمريكا هل تقبل أن يكون رئيسها مسلما؟!! فلماذا يظل المسلمون الحائط المائل الذي يريد كل واحد أن يتسلق عليه، وإن بينا وأوضحنا الحق الذي ندين به بكل أدب واحترام وتقدير نُتهم بالتخلف والرجعية والتطرف والجمود.
** وجهت انتقادات للسلفية والجماعات الإسلامية خاصة بعد موقفهم من الاستفتاء على التعديلات الدستورية ؟
أقول لهم لا تخالفوا ما كنتم تطالبون به من ديمقراطية تزعمونها، فإن كانوا يطالبون بالرأي والرأي الأخر فلماذا يحكم على الإسلاميين بمختلف أطيافهم بالإعدام وأن يترك هؤلاء يعبرون عن أرائهم بحرية ويمنع المسلمين، ولماذا لا يترك الشعب المصري الذكي الذى لا يستطيع أن يتلاعب به أحد أو أن يخدعه ليعبر عن اختياره وإرادته. اطرح ما عندك بصدق وأنا أطرح ما عندي بصدق ولنترك الاختيار للشعب.
المتحولون
** ما رأيك في تحول بعض السلفية لتأييد ثورة 25 يناير، بعدما هاجموها في البداية؟
أنا أعذر للجميع اجتهادهم، فقد كانت الأحداث متلاحقة تلاحقا سريعة لا يستطيع أحد أن يتواكب معها، وأنا أكرر قول النبي (ص) "من اجتهد وأصاب له أجران ومن اجتهد وأخطا له أجر"، لكني أطالب الجميع بالتحرك الآن في هذه المرحلة فإن كنا قد تقاعسنا فى المرحلة الماضية لاختلاف الرؤى واختلاف الأحكام لما سماه البعض حالة الضبابية التي لم يستطع أحد أن يحكم فيها حكمنا .
وقد يأتي على البعض وقت يضطرون فيها لتغيير فتواهم، وأقول لا حرج في هذه المرحلة التي مرت بحلوها ومرها، ولا عيب أن يرجع الانسان وأن يستغفر الله ويتوب اليه، ولا ينبغي أن ننصب المشانق لبعضنا البعض، ولكن ينبغي أن نصحح النظر ونتوب وأن نترك الفرصة لمن أراد أن يرجع عن فتواه ويتوب عما كان يفعله.
** وما موقفكم من ثورة 25 يناير؟
أذكر أنني منذ أوائل أيام الثورة ذهبت إلى إخواننا فى التحرير، وقد عاتبني إخواني حينما قلت الثورة "المباركة" وأنا لم أقل هذه الكلمة تملقا لأحد ولا خوفا من أي مخلوق على الأرض ولم أعمل حساب أحد، لا من المسئولين أو غيرهم وقد اتُهمنا قديما وحديثا، ولذلك قلت ما يمليه على ديني وضميري نظرا لاجتهادي الذى رجعت فيه لفهمي للقرآن والسنة النبوية المطهرة.
** لاحظنا تحركا مكثفا لكم في الفترة الماضية فهل هناك سبل لتقريب وجهات النظر بين الإخوان والسلفية وعلماء الأزهر؟
أنا أدعو من خلال بوابة "الوفد"، الأزهر إلى التقريب بين وجهات النظر فى الدعوة، وأدع شيخ الأزهر والعلماء الأجلاء من رموزنا الكبار، أن يشتركوا في مبادرة تجمع بين كل علماء المسلمين من أنصار السنة والجمعية الشرعية والإخوان والسلفية من كافة أرجاء الأرض لتستفيد الأمة وتتوحد الكلمة وتتوحد الفتوى، وأن تتشكل هيئة لكبار العماء لا تقتصر على علماء الأزهر بل تحتوي على هذه المجموعات من العلماء الربانيين فى مصر وما أكثرهم.
أنا أكن للأزهر كل تقدير واحترام وقلت ذلك فى الفترة الماضية بوضوح وهذا مسجل لي، وليس معنى أننا نتنفس عبير الحرية أن نستغل الفرصة أو نتنكر للأزهر فهذا من سوء الخلق وما زلت أثمن دور الأزهر وأقدره.
وأنا أؤكد أنه إذا تم التقريب بين علماؤنا بحيث لو أفتى هؤلاء العلماء فى أي نازلة من النوازل سيكون لها تأثير كبير على شبابنا بمختلف فئاته وانتماءاته من الأمة الإسلامية فى مشارق الأرض ومغاربها، خاصة أن مصر هي قبلة القاصدين للعلوم الشرعية والدراسة الدينية فلو نُفذ هذا بالفعل سيكون لها أكبر الأثر فى تهدئة الأجواء والفوارق.
وأطالب فى هذه المرحلة أن تتوقف برامج إسهال ا